للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى الذي ذكره القاص وإن كان هو الراجح في تأويل الآية (١)، فإن إنكار ابن مسعود - رضي الله عنه - يكشف لنا موقف الصحابة من القصاص، فقد أنكر ابن مسعود تكلف القاص وتجشمه ما لا علم له به، وإخباره عن أمر لا بد فيه من نقل عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، وبين أنه لا حرج في الاعتراف بعدم العلم (٢).

الثالث: يجتهد القصاص في إضفاء الصبغة الشرعية على مجالسهم ومواعظهم، وحشد أكبر عدد من الناس للاستماع إليه، وبسبب انتقاد الصحابة والتابعين لهم وانصراف الناس عنهم يقابل القصاص ذلك بترغيب الناس وحثهم على حضور مجالسهم، وينتزعون الأدلة من الكتاب والسنة، ويتأولونها بأن المعني بها هم ومن يجلس إليهم دون غيرهم، ويشيعون ذلك في الناس، ومن تلك الأدلة: قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (٣)، وقوله:


(١) وهو قول علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم -، وهو ما رجحه ابن القيم وابن كثير، وهو أن الدخان سيقع قبل يوم القيامة، ودليله ما رواه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة (٤/ ٢٢٢٥) برقم (٢٩٠١) عن حذيفة بن أسيد الغفاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات، وذكر منها الدخان»، وسياق الآيات يؤيده، انظر: جامع البيان (٢١/ ١٣ - ٢١)، وإعلام الموقعين (٤/ ١٥٤)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٧/ ٢٣٥).
(٢) انظر تفسير الصحابة د. بدر (ص ٤٣).
(٣) سورة الأنعام من الآية (٥٢).

<<  <   >  >>