للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ما جاء عن شريح - رحمه الله - أنه كان يقرأ هذه الآية: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} (١) بالنصب، وكان ينكر قراءة الرفع، ويقول: إن الله لا يعجب من الشيء، إنما يعجب من لا يعلم، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: إن شريحاً كان معجباً برأيه، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - كان أعلم منه، كان يقرؤها: {بَلْ عَجِبْتُ} (٢).

فشريح أنكر المعنى الذي دلت عليه قراءة الرفع وهو نسبة العَجَب إلى الله، ثم رتب عليه إنكار القراءة بها؛ مما أغضب النخعي فتكلم فيه، وفي بعض الروايات أن إبراهيم قال: «إن شريحاً شاعر يعجبه علمه» (٣)، وقراءة ضم التاء ثابتة أيضاً (٤)، لكنها لم تثبت عند شريح، فأنكر المعنى الذي تدل عليه، ظاناً أن إثباته يدل على نقص في الباري جل وعلا، فالعجب - كما قرره شريح - يستلزم الجهل بالأمر المتعجب منه، والله منزه عن الجهل، ولذلك قال: إنما يعجب من لا يعلم، والعقيدة المتقررة نفي كل نقص في حق الله تعالى.


(١) سورة الصافات آية (١٢).
(٢) تفسير عبد الرزاق (٢/ ١٢٠)، والدر المنثور (٥/ ٢٧٢) واللفظ له، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٨٤)، والأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٢٢٦).
(٤) قرأ بها حمزة والكسائي وخلف، وقرأ باقي العشرة بفتح التاء، انظر: السبعة (ص ٥٤٧)، والنشر (٢/ ٣٥٦).

<<  <   >  >>