للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرأته في التفسير، فقد جاءه رجل يسأله عن تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (١)، فقال له: «اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعال فأخبرني ما قال، فذهب الرجل إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً، صدق، هكذا كانتا، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً» (٢).

فابن عمر رجع عن انتقاد ابن عباس لمّا رأى جرأته في محلها، إذ لم تكن سوى جرأة العالم المدرك لما يقول، ولذا جاء عن ابن عمر روايات تشيد بابن عباس وعلو شأنه في هذا العلم (٣).

ثالثاً: اعتبار نقد بعض المفسرين من كلام الأقران بعضهم في بعض، وبخاصة عندما يقع نتيجة اختلاف حول معنى آية، ولذا ينبغي التأمل فيه، والتروي في قبوله، وقد تنبه العلماء لهذا الأمر ونبهوا عليه:

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خذوا العلم حيث وجدتم، ولا تقبلوا قول


(١) سورة الأنبياء آية (٣٠).
(٢) حلية الأولياء (١/ ٣٢٠)، وعزاه ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٥/ ٣٣٢) إلى ابن أبي حاتم.
(٣) انظر (ص ١١٢).

<<  <   >  >>