للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراء بمعنى الجدال (١).

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن النهي عن المراء خاص بالجدال في ألفاظ القرآن وحروفه، وليس في تفسيره وتأويله، استئناساً بما جاء في بعض روايات الحديث أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال أحدهما: تلقيتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «القرآن يقرأ على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن مراءً في القرآن كفر» (٢).

والأظهر - والله أعلم- أن النهي يشمل الاختلاف في الألفاظ والحروف، والاختلاف في المعاني، كالجدال في متشابه القرآن، أو الجدال في آيات الصفات والقدر ونحوها على طريقة أهل الكلام، وإنما سماه كفراً باعتبار ما يؤول إليه، كأن يستدل أحدهم بآية على صحة معتقده، ويأتي الآخر بآية أخرى ليدفع بها رأي صاحبه، فيزعم أن ما جاء به نقيض ما استدل به الأول (٣).


(١) انظر: الغريبين للهروي (٦/ ١٧٤٧)، والنهاية في غريب الحديث (٤/ ٣٢٢) مادة "مرى".
(٢) انظر المصدرين السابقين، والحديث رواه أحمد في المسند (٤/ ١٦٩ - ١٧٠)، وأبو عبيد في فضائل القرآن (٢/ ١٨٤)، والطبري في جامع البيان (١/ ٣٩)، والبغوي في شرح السنة (٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦) كلهم عن أبي جهيم - رضي الله عنه -، وصحح إسناده ابن كثير في فضائل القرآن (ص ١١٨)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٥١): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».
(٣) انظر: معالم السنن للخطابي (٤/ ٢٧٥)، وشرح السنة للبغوي (١/ ٢٦١)، وعون المعبود (٢/ ٣٥٤)، ومرقاة المفاتيح للقارئ (١/ ٢٤٠).

<<  <   >  >>