للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير تأويله» (١).

ومعنى: «ينثرونه نثر الدقل» أي: كما يتساقط الرطب اليابس من العذق إذا حُرك، وهذا كناية عن سرعتهم في القراءة (٢).

وهو يشير إلى عدم مبالاتهم بالقرآن الكريم، وضعف تدبرهم له، وقلة ورعهم، فلا عجب إذا فسروه بآرائهم على غير وجهه الصحيح، وكأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر الأمة ممن هذه صفته، ويدعوهم لتوقي تأويلاته للقرآن، ولا يتأتى ذلك إلا بنقدها، وبيان أوجه الخلل فيها.

وهذه الصفة التي ذمها النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدم تدبر القرآن المؤدي إلى الانحراف في تأويله تنطبق على صفة الخوارج (٣) المذكورة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (٤).


(١) أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (٨/ ٢٥٩): «هذا إسناد رواته ثقات».
(٢) النهاية في غريب الحديث (٥/ ١٥) مادة "نثر".
(٣) سموا بذلك لخروجهم على علي - رضي الله عنه - في حرب صفين بعدما رفضوا التحكيم، وأجمعوا على كفره، وكفروا بعض الصحابة، من أصولهم: تكفير مرتكب الكبيرة، وتخليده في النار، ومن فرقهم: المحكمة الأولى، والأزارقة، والنجدات، والإباضية.
انظر فيهم: مقالات الإسلاميين للأشعري (ص ٨٦)، والفرق بين الفرق للبغدادي (ص ٢٤، ٧٢).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} (٤/ ١٠٨)، ومسلم في كتاب الزكاة (٢/ ٧٤١) برقم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>