للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشد منها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}» (١).

وقد وقع لابن عمر نحو ذلك، فقد قيل له: «لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه؛ فإن الله تعالى ذكره يقول: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب»، فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم» (٢).

وقد ذكر غير واحد من الصحابة نحو كلام ابن عمر في أنه لم يأت تأويل هذه الآية، فعن ابن مسعود أن رجلاً سأله عن قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال - رضي الله عنه -: «إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها؛ تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا - أو قال: فلا يقبل منكم - فحينئذ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ}» (٣).

وعن أبي مازن (٤) قال: «انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قوم من


(١) جامع البيان (٩/ ٥٢).
(٢) جامع البيان (٩/ ٤٤)، والحديث الذي رواه ابن عمر أخرجه البخاري أيضاً من حديث ابن عباس في كتاب الحج، باب الخطبة بمنى (٢/ ١٩١).
(٣) المصدر السابق (٩/ ٤٥).
(٤) الأزدي الحداني، انظر الجرح والتعديل (٤/ ٢/٤٤٤).

<<  <   >  >>