للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا انه يكشف مدى الدقة والتحري التي كان عليها التابعون.

ومن تحريهم مطالبتهم المفسر بالدليل على صحة تفسيره، فقد أورد ابن جرير عند تفسير قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (١) أن سالم بن عبد الله قال لمحمد بن كعب القرظي: «ما تعد الباقيات الصالحات؟ ، فقال: لا إله إلا الله، والحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال له سالم: متى جعلت فيها لا حول ولا قوة إلا بالله؟ ، فقال: ما زلت أجعلها، فراجعه مرتين أو ثلاثاً فلم ينزع، فقال سالم: فأثبت، فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «عرج بي إلى السماء فأريت إبراهيم، فقال: يا جبريل من هذا معك؟ ، فقال: محمد، فرحب بي وسهَّل، ثم قال: مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة، وأرضها واسعة، فقلت: وما غراس الجنة؟ ، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله» (٢).

ومما جاء عنهم في نقد التفسير لعدم صحة النقل ما جاء عن مجاهد أنه سئل عن { ... الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}، فقال: «لا أدري يزعمون أنها البقر، فقال إبراهيم: ما لا


(١) سورة الكهف آية (٤٦).
(٢) جامع البيان (١٥/ ٢٧٨)، وجاء هذا الحديث من رواية سالم عن أبي أيوب بدون القصة في أوله في: مسند أحمد (٥/ ٤١٨)، وصحيح ابن حبان (٢/ ٩٤)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٩٧): «ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد، ووثقه ابن حبان».

<<  <   >  >>