للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: «لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرحت جباههم، فأنزل الله تخفيفاً على المسلمين: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فنسخت الآية الأولى» (١).

وعن قتادة - رحمه الله - قال: في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} «أن يطاع فلا يعصى، ثم أنزل - جل وعز - التخفيف {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فنسخت هذه التي في آل عمران» (٢).

وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إنكار نسخها، وقال في قول الله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} «لم تنسخ، ولكن حق تقاته أن يجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم» (٣).

قال ابن تيمية: «وفصل الخطاب أن لفظ النسخ مجمل، فالسلف كانوا يستعملونه فيما يظن دلالة الآية عليه من عموم أو إطلاق أو غير ذلك، كما قال من


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٢٢)، وقال: «وروي عن زيد بن أسلم نحو هذا التفسير، وروي عن أبي العالية وقتادة ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي أنها نسختها: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}».
(٢) الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٢/ ١٢٩)، ونحوه للطبري في جامع البيان (٥/ ٦٤٢)، ونقل عن الربيع بن أنس مثل قول قتادة.
(٣) الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد (ص ٢٦٠)، وجامع البيان (٥/ ٦٤٠ - ٦٤١)، وتفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٧٢٢)، وتفسير ابن المنذر (١/ ٣١٨)، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٢/ ١٣٠).

<<  <   >  >>