للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما أبطل فهمهم وبين التفسير الصحيح للآيات رجع كثير منهم، وكانوا أزمعوا على قتال علي - رضي الله عنه -، وجاء عن ابن عباس أنهم كانوا ستة آلاف، فرجع منهم ألفان (١)، وفي أخرى أنه رجع منهم عشرون ألفاً، وبقي أربعة آلاف فقتلوا (٢).

وكذلك رجوع يزيد الفقير وأتباعه عن فكرة الخروج على المسلمين، وكانوا أزمعوا عليها بسبب تأولهم بعض الآيات، فمروا بجابر بن عبد الله - رضي الله عنه - فناقشهم ورد عليهم فرجعوا عن مذهب الخوارج، قال يزيد: فما خرج منا رجل واحد (٣).

وإن لم يرجع أهل البدع عن مذاهبهم، فلا أقل من إفحامهم وإلجامهم وإضعاف حجتهم ليقل حماسهم ونشاطهم في الدعوة إلى عقائدهم، وقد ظهر ذلك في مناظرة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لغيلان القدري، وكان يحتج ببعض الآيات القرآنية، فأمسك عن الكلام في القدر بعدما رد عليه بالقرآن الكريم، وقد جمع عمر - رحمه الله - قوة


(١) المعرفة والتاريخ (١/ ٥٢٢ - ٥٢٤)، والسنن الكبرى للنسائي (٥/ ١٦٥ - ١٦٧)، والمستدرك (٢/ ١٥٠ - ١٥٢).
(٢) مصنف عبد الرزاق (١٠/ ١٦٠)، وحلية الأولياء (١/ ٣٢٠). قال ابن كثير في البداية والنهاية (١٠/ ٥٦٨) بعد سياق حديث عبد الله بن شداد - رضي الله عنه - في قصتهم: «في هذا السياق ما يقتضي أن عدتهم كانت ثمانية آلاف، لكن من القراء، وقد يكون واطأهم على مذهبهم آخرون من غيرهم حتى بلغوا اثني عشر ألفاً، أو ستة عشر ألفاً، ولما ناظرهم ابن عباس رجع منهم أربعة آلاف، وبقي بقيتهم على ما هم عليه».
(٣) انظر ما تقدم (ص ٣١٨).

<<  <   >  >>