يحرص نقاد التفسير على تصحيح الأخطاء وتقويمها، للخروج بتفسير سليم للقرآن الكريم، ويسيرون لتحقيق هذا الهدف في اتجاهين:
الأول: حماية القرآن الكريم من الخطأ في تفسيره أو الانحراف في فهمه بدفعه قبل وقوعه.
الثاني: معالجة الأخطاء في تفسير القرآن بعد وقوعها، وذلك ببيانها ورد الناس إلى المعنى الصحيح للآيات.
والاتجاه الأول من باب الوقاية، والثاني من باب العلاج، ويأتي الكلام عليه في الأبواب اللاحقة إن شاء الله تعالى.
وسيقتصر الحديث في هذا الباب على الاتجاه الأول، فقد أولاه المفسرون عناية خاصة، وعلى رأسهم الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم -؛ ولتحقيقه وضعوا ضوابط وقواعد ألزموا من أراد تفسير القرآن الأخذ بها؛ ليستعين بها على فهم القرآن، وتكون واقية - بإذن الله - من الانحراف في تأويله، كما قاموا بتربية الأتباع على تعظيم القول في تفسير القرآن، وحذروهم من الكلام فيه، وذموا من تجرأ على ذلك، وأظهروا ذلك عملياً بالإحجام والورع عن تفسير القرآن الكريم.
وهذا المسلك الوقائي الذي اهتم به المفسرون له شبيه في العلوم الأخرى، فلو أخذنا على سبيل المثال منهج المحدثين في حمايتهم للأحاديث المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنايتهم بسلامتها لوجدناه يتطابق تماماً مع منهج المفسرين.
فمما قاموا به للحيلولة دون وقوع الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - التشديد والتغليظ على من كذب عليه - صلى الله عليه وسلم -، وللصحابة فضل السبق في ذلك، ويكفي أن تعرف أن