للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضاً: إذا رأيتم محمداً يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر، وأكثروا الكلام حتى يتخلَّط عليه ما يقول. (١)

والمقصود أنهم علموا أن القرآن كلام كامل لفظاً ومعنى، وكل من سمعه ووقف على معانيه وأنصف، حكم بأنه واجب القبول، فدَّبروا هذا التدبير الفاسد، وهو قول بعضهم لبعض: لا تسمعوا لهذا القرآن إذا قريء، وتشاغلوا عن قراءته برفع الصوت بالصفير والهذيان والرجز، لعلكم تغلبون محمداً على قراءته، فلا يحصل غرضه من التفهيم والإرشاد، وقد فضحوا أنفسهم بذلك أعظم فضيحة. (٢)

وممن نصَّ على هذه الإشارة من الآية موافقاً الخطيب: الرازي، والنيسابوري، وابن عاشور، وغيرهم. (٣)

قال ابن عاشور: (وهذا مُشعر بأنهم كانوا يجدون القرآن غالبهم؛ إذ كان الذين يسمعونه يُداخل قلوبهم فيؤمنون). (٤)

بل بلغ من فضيحتهم أنه كان يجذب رؤساء هؤلاء المعاندين ليلاً لاستماع تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، على ما كان من نهيهم عن سماعه وتواصيهم بذلك. (٥)


(١) قال السدي: (نزلت في أبي جهل بن هشام كان يقول لأصحابه: إذا سمعتم قراءة محمد؛ فارفعوا أصواتكم بالأشعار حتى تلتبس على محمد قراءته). ينظر: تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (٤/ ١٥١)، وينظر: جامع البيان (٢١/ ٤٦٠)، ومعالم التنزيل للبغوي (٤/ ١٣١).
(٢) ينظر: غرائب القرآن للنيسابوري (٦/ ٥٧)
(٣) ينظر: التفسير الكبير (٢٧/ ٥٥٨)، غرائب القرآن (٦/ ٥٧)، والتحرير والتنوير (٢٤/ ٢٧٨)
(٤) التحرير والتنوير (٢٤/ ٢٧٨)
(٥) كما روي عن أبي جهل وأبي سفيان والأخنس بن شريق. ينظر: الدر المنثور للسيوطي (٥/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>