للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة البروج]

قبول التوبة من القاتل المتعمد.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج: ١٠].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قوله تعالى {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} أي: عن كفرهم وعما فعلوا. {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} أي: بكفرهم {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}، ومفهوم الآية: أنهم لو تابوا لخرجوا من هذا الوعيد، وذلك يدل على أنّ الله تعالى يقبل التوبة من القاتل المتعمد خلاف ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما. (١)). (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية بدلالة مفهوم المخالفة أن الله تعالى يقبل من القاتل المتعمد توبته؛ لأن قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} (٣) يدل على أنهم لو تابوا لخرجوا من هذا الوعيد؛ فدلَّ على أن الله تعالى يقبل منهم التوبة، وأن توبة القاتل عمداً عموماً مقبولة خلافاً لما يروى عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره في ذلك.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، والبيضاوي، والنسفي، وغيرهم. (٤)


(١) ينظر: جامع البيان (٩/ ٦٣)
(٢) السراج المنير (٤/ ٥١٣)
(٣) هذه الآية إن كانت في أصحاب الأخدود فالفتنة هنا بمعنى الإحراق، وإن كانت في كفار قريش فالفتنة بمعنى المحنة والتعذيب، وهذا أظهر لقوله تعالى {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} لأن أصحاب الأخدود لم يتوبوا بل ماتوا على كفرهم. وأما قريش فمنهم من أسلم وتاب. ينظر: التسهيل لابن جزي (٢/ ٤٦٩)، والمحرر الوجيز (٥/ ٤٦٢) والبحر المحيط (١٠/ ٤٤٥).
(٤) ينظر: التفسير الكبير (٣١/ ١١٣)، ولباب التأويل (٤/ ٤١٣)، وغرائب القرآن (٦/ ٤٧٧).

<<  <   >  >>