تميَّز الاستنباط عند الخطيب الشربيني، واتَّسَم بما يأتي:
أولاً: وضوحه وسهولة عبارته، ويظهر ذلك في أكثراستنباطاته، فلا يتكلف العبارة، أو يتشدَّق بغريب الكلام، بل يستنبط الحُكم أو المعنى والفائدة بعبارة سهلة واضحة، تصل إلى فهم القارئ مباشرة دون أدنى كُلفة.
ثانياً: دِقَّة ملحظِه، فقد امتاز الاستنباط عند الخطيب بدِقَّة الملحظ، ولطافة المأخذ في مواضع كثيرة، فنجده يقع على لطائف من الاستنباط ونُكات قلَّ أن يُنبِّه عليها غيره، لدقّتها وقوة ملحظها.
ثالثاً: الإيجاز فيه وعدم الإطناب، حيث جاءت استنباطات الخطيب في أكثر أحوالها موجزة اللفظ مختصرة، تفي بالغرض من بيان المعنى المُستنبَط ووجهه، بلا إطالة وتفصيل، إلا فيما دعت الحاجة إليه، من بيان للحكم أو استدلال عليه، أو إيضاح لما قد يدِقُّ ويخفى ملحظه على عامة من قرأه.
رابعاً: قوته ووجاهته. تميَّز الخطيب بقوة الاستنباط ووجاهته في أكثر استنباطاته، ولاغرو فالخطيب - كما تقدم - فقيه مفسر نحوي، اجتمعت فيه مصادر قوة قلَّ أن تجتمع في غيره، وقد أثَّر ذلك في اختياراته، كما أنه قد اعتمد على تفاسير من سبقه، ممن كانت لهم عناية خاصة بهذا الجانب، فجاءت استنباطاته قوية الدلالة، مُذيلة بالتوجيه في أكثرها.
خامساً: عنايته الخاصة بالاستنباطات العقدية، فقد اعتنى الخطيب بالاستنباطات في العقيدة، وأولاها الكثير من التحرير والتدليل، سواء ما وافق فيه أهل السنة والجماعة، أو ما كان منها على مذهب الأشاعرة، مما قد يجعله مصدراً من مصادر