للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة النساء]

القيّم لا يُصدّق في دعوى الدفع إلا ببينة.

قال الله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: ٦]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({فَأَشْهِدُوا} ندباً {عَلَيْهِمْ} بأنهم قبضوها، فإنّ الإشهاد أنفى للتهمة، وأبعد من الخصومة فتحتاجون إلى البينة، وهذا يدلّ على أنّ القيم لا يصدّق في دعواه الدفع ولو أبى إلا ببينة، وهو مذهب الشافعيّ (١)، ومالك (٢)، خلافاً لأبي حنيفة (٣)). (٤)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية بدلالة النَّص أنّ القيم لا يُصدّق في دعواه الدفع إلا ببينة، لأن الله تعالى أمر بالإشهاد فقال {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} وهذا أمر من الله تعالى للأولياء بالإشهاد على دفع المال للأيتام إذا بلغوا الرشد، حتى إذا وقع اختلاف أمكن أن يقيم الوصي البينة على أنه ردَّ المال.

فالإشهاد أنفى للتهمة، وأقطع للشر وأحسم للنزاع، وهذا يدلّ على أنّ القيم على اليتيم لا يُصدّق في دعواه الدفع إلا بالبينة؛ إذ ظاهر الأمر للوجوب (٥)، وبه


(١) ينظر: الأم (٧/ ٨٦)، والمجموع للنووي (١٤/ ١٤٨).
(٢) ينظر: المدونة (٤/ ٣٣٩)، وبداية المجتهد لابن رشد (٤/ ٩٤).
(٣) ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين (٦/ ٧١٧).
(٤) السراج المنير (١/ ٣٢٠).
(٥) وهو ما ذهب إليه الإمام الشافعي ومالك - رحمها الله - كما تقدم توثيقه. وينظر: الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٤٤)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>