للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثرها تؤخذ من جهة المعاني، والاستنباط من النصوص؛ فالألفاظ محصورة، ومعانيها محددة، والوقائع والمناسبات متجددة، وقد أنْزل الله تعالى كتابه الكريم صالحاً لكُلِّ زمان ومكان، وتبياناً لِكُلِّ شيء يتوقف عليه التكليف والتعبد، وتستقيم به حياة الناس من العلوم الشرعية، والحقائق العقلية.

فعِلم الاستنباط عِلم مبارك، يفيض على الأمة في كل زمان بكلِّ ما تحتاجه من معرفة الحَق المطابق لوقائعها، والمستمد من خيرِ بيان وأصدق كلام، كتاب الله تعالى. (١)

[طريق الوصول إلى الاستنباط]

علم الاستنباط علم عزيز، ليس في مقدور عامة الناس ولا أكثر علمائهم الخوض فيه، وإنما هو شأن القلَّة التي تمكنت منه بعد جهدٍ واجتهاد وفتحٍ من الله وتوفيق.

قال الراغب الأصفهاني (٢): (كُلُّ من كان حظُّه في العلوم أوفر، كان نصيبه من علم القرآن أكثر). (٣)

وقال ابن القيم في معنى «يستنبطونه»: (أي: يستخرجون حقيقته وتدبيره، بفطنتهم وذكائهم، وإيمانهم، ومعرفتهم بمواطن الأمن والخوف) (٤)، وقال: (ولو رُزق العبد تضلعاً من كتاب الله وسنة رسوله، وفهماً تاماً في النصوص ولوازمها،


(١) معالم الاستنباط في التفسير ص ٢٥ - ٢٨
(٢) هو الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني (أو الأصبهاني) المعروف بالراغب: أديب، من الحكماء العلماء. من أهل (أصبهان) سكن بغداد، واشتهر، حتى كان يقرن بالإمام الغزالي. من كتبه (محاضرات الأدباء)، و (الذريعة إلى مكارم الشريعة) و (الأخلاق) ويسمى (أخلاق الراغب) و (جامع التفاسير)، أخذ عنه البيضاوي في تفسيره، توفي سنة ٥٠٢ هـ. ينظر: الأعلام (٢/ ٢٥٥)، ومعجم المؤلفين (١٣/ ٣٨٣)
(٣) من مقدمة تفسير الراغب (١/ ٢٧)
(٤) مفتاح دار السعادة (٢/ ١٠٣)

<<  <   >  >>