للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الأنفال]

بيان العلة في مجادلة بعض المؤمنين للرسول صلى الله عليه وسلم، وكراهيتهم القتال يوم بدر.

قال تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: ٦]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} إليه أي: يكرهون القتال كراهة من يُساق إلى الموت وهو يشاهد أسبابه، وذلك أنّ المؤمنين لما أيقنوا بالقتال كرهوا ذلك، وقالوا: لم يعلمنا أنا نلقى العدوّ فنستعد للقائهم، وإنما خرجنا لطلب العير، إذ روي أنهم كانوا رجالة وما كان فيهم إلا فارسان (١)، وفيه إيماء إلى أنّ مجادلتهم كانت لفرط فزعهم ورعبهم). (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على علة مجادلة بعض الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكراهيتهم تلقي النفير يوم بدر (٣)، وذلك كان بسبب شدة فزعهم ورعبهم وعدم تأهبهم للقتال، بدلالة الإشارة في قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} حيث أفادت علة هذه المجادلة، لأن أشد حال من يُساق إلى الموت أن يكون ناظراً إليه، وعالماً به، فشبَّه حالهم في فرط هذا الفزع والرعب، بحال من يُساق صاغراً إلى الموت المحقق، وهو مُشاهد


(١) ينظر: التفسير الوسيط (٢/ ٤٤٥)
(٢) السراج المنير (١/ ٥٨٦)
(٣) في أولئك المجادلين قولان: أحدهما: أنهم طائفة من المسلمين، قاله ابن عباس، وهو قول الجمهور. والثاني: أنهم المشركون، قاله ابن زيد، ينظر: زاد المسير (٢/ ١٩٠).

<<  <   >  >>