للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأسبابه، ناظر إليه لا يشك فيه؛ فإن أمرهم بقتال العدو الكثير العدد، وهم في قلة، إرجاء بهم إلى الموت المحقق. (١)

وكان جدالهم أن قالوا: ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا أخبرتنا لنستعد ونتأهب؟ وذلك لأنهم لم يخطر ببالهم في ذلك الخروج أنه يكون بينهم وبين عدوهم قتال، فحين تبين لهم أن ذلك واقع، جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم طلباً للرخصة في ترك القتال، وكرهوا لقاء عدوهم.

والحال أن هذا لا ينبغي منهم، خاصة بعد ما تبين لهم أن خروجهم بالحق، ومما أمر الله به ورضيه، فهذه الحال ليست حال جدال؛ لأن الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الأمر، فأما إذا وضح وبان، فليس إلا الانقياد والإذعان. (٢)

وممن استنبط هذه الإشارة من الآية: البيضاوي، والألوسي، وغيرهما. (٣)

قال الألوسي: (فيه إيماء إلى أن مجادلتهم كانت لفرط فزعهم ورعبهم؛ لأنهم كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً في قول (٤)). (٥)

وقيل: أنهم كانوا رجالة. وأنه ما كان فيهم إلا فارسان. (٦)


(١) ينظر: فتح القدير (٢/ ٣٢٨)، والتحرير والتنوير (٩/ ٢٦٨)
(٢) ينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (١/ ٣١٥).
(٣) ينظر: أنوار التنزيل (٣/ ٥١) وينظر: حاشية زاده على البيضاوي ص ٣٦٥، وروح المعاني (٥/ ١٦٠).
(٤) ينظر: جامع البيان (١٣/ ٣٩٣)، وزاد المسير (٢/ ١٩٠).
(٥) روح المعاني (٥/ ١٦٠)
(٦) وهما المقداد بن الأسود، والزبير بن العوام. ينظر: المرجع السابق.

<<  <   >  >>