للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الرحمن]

تكليف الجنّ.

قال الله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢) يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن ٣١ - ٣٣]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (في هذه الآيات، والتي في الأحقاف (١)، وفي {قُلْ أُوحِيَ} دليل على أنّ الجنّ مكلفون مخاطبون، مأمورون منهيون، مثابون معاقبون كالإنس، سواء مؤمنهم كمؤمنهم وكافرهم ككافرهم). (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من هذه الآيات دلالتها باللازم على تكليف الجنّ، وأنهم مثابون أو معاقبون كالإنس سواء منهم المؤمن والكافر؛ لأن الخطاب في هذه السورة للثقلين الإنس والجن في واحد وثلاثين آية، فقد جاءت هذه الآيات بعد الحديث عن خلق النوعين الإنس والجن في قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٤ - ١٦] ثم خاطب الله النوعين داعياً إياهم إلى لإيمان، منكراً تكذيبهم بآياته، بقوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: ٣١]، ثم ذكر سبحانه عقاب النوعين وثوابهم، وهذا كله صريح في أنهم هم المكلفون المنهيون المثابون، ومن ذلك قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٣٩ - ٤٢]


(١) يعني قوله تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: ٣١].
(٢) السراج المنير (٤/ ١٧٠)

<<  <   >  >>