للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الحديد]

فضل أبي بكر رضي الله عنه.

قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [الحديد ١٠]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (بيَّن تعالى التفاوت بين المنفقين منهم فقال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ} ثم قال: وفي هذا دليل على فضل أبي بكر، فإنه أوّل من أنفق لم يسبقه في ذلك أحد، وخاصم الكفار حتى ضُرب ضرباً شديداً أشرف منه على الهلاك). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية دلالتها باللازم على فضل أبي بكر؛ لأنه أوّل من أنفق مالَه في سبيل الله قبل الفتح، وأول من قاتل في الإسلام، والله تعالى يقول {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}.

فهذه الآية تضمنت تباين ما بين المنفقين وأنهما لا يستويان، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نالهم من التعب والشدة قبل الفتح ما لم ينلهم بعده، وكانت حاجة الناس قبل الفتح أكثر لضعف الإسلام، وكان الإنفاق في سبيل الله حينئذ أشق، فكان من أنفق قبل الفتح أعظم ثواباً وأعلى درجة من غيرهم.

وهذا يدل على أن الصحابة مراتب، وأن الفضل للسابق منهم على اللاحق ولاشك أن لأبي بكر - رضي الله عنه - قصب السبق في ذلك كله؛ لما ورد في فضائله رضي


(١) السراج المنير (٤/ ٢١٢).

<<  <   >  >>