للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فالخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر في القلب ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست، أو حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم» (١). (٢)

وبهذا يظهر صحة دلالة هذه الآية على استنباط الخطيب، والله تعالى أعلم.

[سورة قريش]

اتباع القراء للأثر والرواية لا مجرّد الخط.

قال تعالى تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: ١ - ٢].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (وقوله تعالى: {إِيلَافِهِمْ} بدل من الإيلاف الأول، وقرأ ابن عامر (٣) «لإلاف» بغير ياء بعد الهمزة، والباقون «لإيلاف» بياء بعدها، وأجمع الكل على إثبات الياء في الثاني وهو «إيلافهم» بالياء بعد الهمزة (٤)، قال ابن عادل: «ومن غريب ما اتفق في هذين الحرفين، أن القراء اختلفوا في سقوط الياء،


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسياً في الأيمان برقم (٦٦٦٤)، (٨/ ١٣٥)، ومسلم بنحوه في كتاب الأيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، برقم (٢٠١)، (١/ ١١٦).
(٢) ينظر: الأذكار من كلام سيد الأبرار للنووي (١/ ٤١٥).
(٣) هو عبد الله بن عامر يزيد بن تميم بن ربيعة، أبو عِمْرَان، اليحصبي الدِّمشقي، أحد القراء السبعة، عالم بالقراءات، وإمام أهل الشام في القراءة، ورواية الحديث، تابعي جليل، كان إماماً عالماً ثقة، متقناً، توفي سنة ١١٨ هـ. ينظر: معرفة القراء الكبار (١/ ٨٢)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٢٩٢)، وغاية النهاية (١/ ٤٢٣)
(٤) ينظر: السبعة في القراءات لأبي عمرو الداني (١/ ٦٩٨)، والتيسير في القراءات السبع (١/ ٢٢٥)، والنشر في القراءات العشر لابن الجزري (٢/ ٤٠٣)، والبدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة لعبد الفتاح القاضي (١/ ٣٤٨)

<<  <   >  >>