للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الرعد]

قال الله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد: ٢٣].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: عند قوله تعالى: ({وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} أي: الذين كانوا سبباً في إيجادهم، فيشمل ذلك الآباء والأمهات، وإن علوا {وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}، أي: الذين تسبَّبُوا عنهم، والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم، وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعاً لهم، وتعظيماً لشأنهم، ويقال: إنّ من أعظم موجبات سرورهم أن يجتمعوا فيتذاكروا أحوالهم في الدنيا، ثم يشكروا الله تعالى على الخلاص منها، والفوز بالجنة، ولذلك قال الله تعالى في صفة أهل الجنة أنهم يقولون: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: ٢٦، ٢٧]. وفي ذلك دليل على أنّ الدرجة تعلو بالشفاعة، وأن الموصوفين بتلك الصفات (١) يقترن بعضهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنة زيادة في أنسهم، والتقييد بالصلاح دلالة على أنّ مجرد الأنساب لا تنفع). (٢)

استنبط الخطيب من هذه الآية دلالتان:

الدلالة الأولى:

أنّ الدرجة تعلو بالشفاعة.


(١) وهي المذكورة في الآيات قبلها: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: ٢٠ - ٢٢]
(٢) السراج المنير (٢/ ١٧٦)

<<  <   >  >>