للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستنباط:

أنه إذا جاز أن تعلو الدرجة بمجرد التبعية لأهل الصلاح تعظيماً لشأنهم، فلأن تعلو بشفاعتهم أولى. (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية أن الدرجة تعلو بالشفاعة؛ لأن الله تعالى أخبر عن ثواب المؤمنين الطائعين أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم، وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم، تبعاً لهم وتعظيماً لشأنهم، فجعل مِن ثواب المطيع سروره بحضور أهله معه في الجنة، وذلك يدلّ على أنهم يدخلونها كرامة له. (٢)

والواو في {وَمَنْ صَلَحَ} على هذا المعنى هي واو المعية، وذلك زيادة في الإكرام بأن جعل أصولهم، وفروعهم، وأزواجهم المتأهلين لدخول الجنة، لصلاحهم في الدرجة التي هم فيها، فمن كانت مرتبته دون مراتبهم لحق بهم، ومن كانت مرتبته فوق مراتبهم لحقوا هُم به، فلهم الفضل في الحالين.


(١) ينظر: روح البيان لحقي (٤/ ٣٦٧).
(٢) في قوله تعالى {وَمَنْ صَلَحَ} قولان: الأول: قال ابن عباس: يريد من صدَّق بما صدَّقوا به وإن لم يعمل مثل أعمالهم، وقال الزجاج: بين تعالى أن الأنساب لا تنفع إذا لم يحصل معها أعمال صالحة بل الآباء والأزواج والذريات لا يدخلون الجنة إلا بالأعمال الصالحة. قال الواحدي - كما نسبه إليه الرازي-: والصحيح ما قال ابن عباس، لأن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بحضور أهله معه في الجنة، وذلك يدل على أنهم يدخلونها كرامة للمطيع الآتي بالأعمال الصالحة، ولو دخلوها بأعمالهم الصالحة لم يكن في ذلك كرامة للمطيع ولا فائدة في الوعد به، إذ كل من كان مُصلحاً في عمله فهو يدخل الجنة. ينظر: التفسير الوسيط (٣/ ١٤)، وجامع البيان (١٦/ ٤٢٤)، ومعاني القرآن وإعرابه (٣/ ١٤٧)، والتفسير الكبير (١٩/ ٣٦).

<<  <   >  >>