للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا ففي الآية بشارة لمن كان له سلفٌ صالح، أو خلفٌ صالح، أو زوجٌ صالح، ممن تحققت فيهم هذه الصفات أنه إذا صار إلى الجنة لِحق بصالح أصوله أو فروعه أو زوجه. (١)

قال ابن كثير: (يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقرَّ أعينهم بهم، حتى إنه تُرفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته، بل امتناناً من الله وإحساناً، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [سورة الطور: ٢١]). (٢)

وممن نصَّ على هذه الدلالة من الآية على هذا المعنى: الواحدي، والبيضاوي، وابن عادل، والنيسابوري، وأبو السعود، وحقي، وابن عاشور، وغيرهم. (٣)

وهي دلالة صحيحة، فالشفاعة يوم القيامة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وهي رحمة من الله تعالى لعباده، ينجو بها من يشاء الله تعالى نجاته من النار، وترتفع بها درجات المؤمنين في الجنة، وحقيقتها إرادة الله تعالى إكرام الشافع، ورحمة المشفوع له كما هو ظاهر الآية. (٤) والله تعالى أعلم. (٥)


(١) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (١٣/ ١٣١)
(٢) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٥١)
(٣) ينظر: التفسير الوسيط (٣/ ١٤)، أنوار التنزيل (٣/ ١٨٦)، واللباب في علوم الكتاب (١١/ ٢٩٦)، وغرائب القرآن (٤/ ١٥٤)، وإرشاد العقل السليم (٥/ ١٨)، وروح البيان (٤/ ٣٦٧)، والتحرير والتنوير (١٣/ ١٣١).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ٣٩٠)، وشرح الطحاوية لأبي العز (١/ ٢٠٦)، وشرح العقيدة الواسطية للشيخ: عبد الله بن محمد الغنيمان ص (٢٢)
(٥) ضعَّف بعض المفسرين دلالة الآية على هذا المعنى منهم الألوسي، والأظهر ماعليه عموم المفسرين. ينظر: روح المعاني (٧/ ١٣٦)

<<  <   >  >>