للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الحشر]

كل ما أمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم فهو أمر من الله تعالى.

قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (هذه الآية تدل على أنّ كل ما أمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر من الله تعالى؛ لأنّ الآية وإن كانت في الغنائم فجميع أوامره صلى الله عليه وسلم ونواهيه داخلة فيها). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها بالنصِّ أنّ كل ما أمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم هو أمرٌ من الله تعالى، لأنه حثَّ المسلمين فيها على التسليم لأمر الله تعالى ونهيه؛ وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وإن جاء بلفظ الإيتاء وهو المناولة فإن معناه الأمر، بدليل قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فقابله بالنهي، ولا يقابل النهي إلا بالأمر. (٢)

وهذا أمرعام يدخل فيه قسمة ما أفاء الله من الغنائم وغيرها، ثم هي عامة على الصحيح في كل ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر أو نهي أو قول أو فعل، وإن كان السبب خاصاً فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (٣)

وعلى هذا فالآية تصلح أن تكون قاعدة كلية وأصلاً عاماً، شامل لأصول الدين وفروعه، فكل ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ولا


(١) السراج المنير (٤/ ٢٥٩)
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٨/ ١٧)
(٣) ينظر: فتح القدير للشوكاني (٥/ ٢٣٦). وقال الواحدي: (وهذا نازل في أمر الفيء، ثم هو عام في كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه). الوسيط (٤/ ٢٧٢)

<<  <   >  >>