للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الأنعام]

فائدة ذكر قوله تعالى {وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام: ٦]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (فإن قيل: ما فائدة ذكر أنشأنا قرناً آخرين بعدهم؟ أجيب: بأنه ذكر للدلالة على أنه تعالى لا يتعاظمه أن يهلك قرناً ويخرب بلاده منهم، فإنه قادر على أن يُنشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده، فهو قادر على أن يفعل ذلك بكم). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فائدة ذكر إنشاء قرن آخرين بعد هؤلاء المذكورين في الآية، وهي التنبيه على أنه تعالى لا يتعاظمه شيء، ولا يعجزه أن يُهلك قرناً، ويخلي ديارهم منهم، بل هوقادر سبحانه على أن يستبدلهم بآخرين، وفيه تعريض بالمخاطبين أيضاً، بإهلاكهم إذا عصوا، والمغزى: فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فما أنتم بأعز على الله منهم، والرسول الذي كذَّبتموه أكرم على الله من رسولكم، فأنتم أولى بالعذاب ومعاجلة العقوبة منهم، لولا لطفه تعالى وإحسانه. (٢)


(١) السراج المنير (١/ ٤٧٣)
(٢) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٣/ ٢٤١)

<<  <   >  >>