للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودلالة هذه الآية على هذا المعنى نصَّ عليها عموم المفسرين كالزمخشري، والرازي، والبيضاوي، وأبو حيان، والخازن، والنيسابوري، وأبو السعود، وحقي، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي، والسعدي، وابن عاشور، وغيرهم. (١)

قال أبو حيان: (فائدة ذكر إنشاء قرن آخرين بعدهم، إظهار القدرة التامة على إفناء ناس وإنشاء ناس، فهو تعالى لا يتعاظمه أن يهلك قرناً ويخرب بلاده، وينشئ مكانه آخر يعمر بلاده، وفيه تعريض بالمخاطبين، بإهلاكهم إذا عصوا كما أهلك من قبلهم). (٢)

فهذه الآية فيها الإشارة إلى ما يوجب الاعتبار والموعظة بحال من مضى من الأمم والقرون، فإنهم مع ما كانوا فيه من القوة وسعة الرزق وكثرة الأتباع أهلكهم الله لما كفروا وطغوا وظلموا، فكيف حال من هو أضعف منهم، وأقل عدَداً وعُدداً، فهذا يوجب الاعتبار والانتباه من الغفلة. (٣)

وفيها تأكيد على كمال القدرة وسعة السلطان، وأن ما ذُكر من إهلاك الأمم لا ينقص من ملكه تعالى شيئاً بل كُلَّما أهلك أمة أنشأ بدلها أخرى، كقوله تعالى: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: ١٥]. (٤) وقال: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر: ١٦]، وقد جرت سنته تعالى بزوال أهل الظلم بعد الإمهال، وهذا دأبه في


(١) ينظر: الكشاف (٢/ ٦)، والتفسير الكبير (١٢/ ٤٨٥)، وأنوار التنزيل (٢/ ١٥٤)، والبحر المحيط (٤/ ٤٤٠)، ولباب التأويل (٢/ ٩٩)، وغرائب القرآن (٣/ ٥١)، وإرشاد العقل السليم (٣/ ١١٢)، وروح البيان (٣/ ١٠)، وفتح القدير (٢/ ١١٦)، وروح المعاني (٤/ ٩١)، ومحاسن التأويل (٤/ ٣١٧)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٢٥١)، والتحرير والتنوير (٧/ ١٤٠).
(٢) البحر المحيط في التفسير (٤/ ٤٤٠)
(٣) لباب التأويل (٢/ ٩٩)
(٤) ينظر: إرشاد العقل السليم لأبي السعود (٣/ ١١٢)

<<  <   >  >>