قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (وفي هذه الآية دلالة على أنّ الشاهد لا يشهد إلا بعد العلم، لوصف الملائكة بكونهم حافظين كراماً كاتبين). (١)
الدراسة:
استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية دلالتها باللازم على أن الشهادة لا تجوز إلا بعد العلم؛ لأنه تعالى وصف هؤلاء الملائكة الحفظة بهذه الصفات، من كونهم حافظين، كراماً، وكاتبين، يعلمون، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل، مِن حِفظ، وعلو منزلة، وعلم بما يكتبون، ومنها يُعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يُعمل، لكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً، وهذا تنبيه أنه لا يجوز لأحد الشهادة إلا بعد العلم، إذ من شروط الشهادة: العلم بحقيقة ما يشهد به، ومما يحقق هذا العلم الضبط بكل ما يمكن أن يعين على الضبط والحفظ، كما هو الحال في الكتابة والتقييد.
قال ابن عاشور: (اعلم أنه يُنتزع من هذه الآية أن هذه الصفات الأربع هي عماد الصفات المشروطة في كل من يقوم بعمل للأمة في الإسلام من الولاة وغيرهم، فإنهم حافظون لمصالح ما استُحفظوا عليه، وأول الحفظ الأمانة وعدم التفريط، فلا بد فيهم من الكرم وهو زكاء الفطرة وطهارة النفس، ومن الضبط فيما يجري على يديهم بحيث لا تضيع المصالح العامة ولا الخاصة بأن يكون ما