للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصدره مكتوباً، أو كالمكتوب مضبوطاً لا يُستطاع تغييره، ويمكن لكل من يقوم بذلك العمل بعد القائم به، أو في مغيبه أن يعرف ماذا أجري فيه من الإعمال، وهذا أصل عظيم في وضع الملفات للنوازل والتراتيب، ومنه نشأت دواوين القضاة، ودفاتر الشهود، والخطاب على الرسوم، وإخراج نسخ الأحكام وعقود النكاح). (١)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وابن عاشور، والشنقيطي، وغيرهم. (٢)

واستنباط شرط العلم بالشهادة من هذه الآية ملحظ دقيق لطيف، من لطائف الاستنباط عند الخطيب، ومعلوم أنه لا يجوز للمسلم أن يشهد إلا بما شاهده أو علمه عن يقين، قال تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: ٨١]، وقال سبحانه: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]، أما الشهادة بلا علم فهي من أكبر الكبائر، ولا يحل لأحد أن يشهد إلا بعلم، بل لا يصح أن يُسمى شاهداً إلا بعد أن يكون عنده علم بالشهادة (٣)، وبهذا يظهر صحة دلالة هذه الآية على استنباط الخطيب، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (٣٠/ ١٨٠) بتصرف يسير.
(٢) ينظر: التفسير الكبير (٣١/ ٧٨)، والتحرير والتنوير (٣٠/ ١٨٠)، وأضواء البيان (٨/ ٤٥١)
(٣) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمحمد بن فرامرز بن علي (٢/ ٣٧٠)، والذخيرة للقرافي (١٠/ ١٥١)، وحاشية البجيرمي على شرح المنهج (٤/ ٣٨٤)، والمغني (١٠/ ١٨٨).

<<  <   >  >>