للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن، تقدم بعضها، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن ناساً قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال فإنكم ترونه كذلك»، الحديث، أخرجه الشيخان في الصحيحين بطوله (١). (٢)

وهذا استنباط قوي صحيح، فلو كان الخلق كلهم محجوبون لما كان على الفجار في احتجاب ربهم نقص، ولا كان ذلك بِضائرهم؛ إذ هم والنبيون والشهداء والصالحون كلهم عن ربهم محجوبون. (٣)

ولو لم يكن احتجابه سبحانه عن عبده أشد أنواع العذاب عليه لم يتوعد به أعداءه، فلذة النظر إِلى وجهه الكريم، والدنو منه وقربه أعظم أنواع اللذات التي ينعم بها أولياؤه (٤)، والله تعالى أعلم. (٥)


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر: شرح الطحاوية (١/ ٢١٥)
(٣) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة العكبري (٣/ ٣)
(٤) ينظر: طريق الهجرتين لابن القيم (١/ ٥٩)، ومفتاح دار السعادة (٢/ ١٢٣)، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (١/ ٢٩٢)، وينظر في الرد على المعتزلة: مجموع الفتاوى (٦/ ٤٩٩)، والإبانة عن أصول الديانة لابن أبي بردة (١/ ٤٦)، والانتصار في الرد على المعتزلة للعمراني (٢/ ٦٤١)، ولمعة الاعتقاد لابن قدامة (١/ ٢٢)
(٥) تقدمت الإشارة إلى أن الأشاعرة يثبتون الرؤية، لكنهم يقولون: (نظرٌ لا إلى جهة)، وأنهم يختلفون في إثباتها عن أهل السنة والجماعة. فيجعلونها رؤية بقوى يحدثها الله في الأجسام يوم القيامة لا إلى جهة، أما أهل السنَّة فيجعلون الرؤية بالعينين إلى جهة العلو حيث اللهُ جلّ وعلا. ينظر الاستنباط رقم: (٩٤).

<<  <   >  >>