للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ. وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢ - ٢٣]. وكما دلَّت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الآخرة (١)، رؤية بالأبصار في عرصات القيامة، وفي روضات الجنان الفاخرة). (٢)

وأشار إلى هذه الدلالة من الآية غيرهم كالطبري، والواحدي، وابن عطية، والرازي، والقرطبي، والنسفي، وابن جزي، وابن القيم، وأبو حيان، والشوكاني، والألوسي، والسعدي، والشنقيطي، وغيرهم. (٣)

وتأوَّل المعتزلة هذه الآية أن معناها محجوبون عن رحمته وغفرانه، ولا يخفى فساد مذهبهم، ومخالفته صريح الكتاب والسنة.

قال الإمام أحمد: (وإنا لنرجو أن يكون الجهم وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله، لأن الله قال للكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] فإذا كان الكافر يحجب عن الله، والمؤمن يحجب عن الله، فما فضل المؤمن على الكافر.) (٤)

أما الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم الدالة على الرؤية فمتواترة، رواها


(١) سيأتي النصَّ على بعضٍ منها.
(٢) تفسير القرآن العظيم (٨/ ٣٥١)
(٣) ينظر: جامع البيان (٢٤/ ٢٩٠)، والتفسير الوسيط (٤/ ٤٤٦)، والمحرر الوجيز (٥/ ٤٥٢)، والتفسير الكبير (٣١/ ٨٩)، والجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٦١)، ومدارك التنزيل (٣/ ٦١٥)، والتسهيل (٢/ ٤٦٢)، وحادي الأرواح لابن القيم (١/ ٢٩٢)، والبحر المحيط (١٠/ ٤٢٩)، وفتح القدير (٥/ ٤٨٥)، وروح المعاني (١٥/ ٢٨٠)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٩١٦)، وأضواء البيان (٢/ ٤٠).
(٤) الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد بن حنبل (١/ ١٣٣).

<<  <   >  >>