للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثم لفظ ما ذكروه من حديثهم، يدل على أن حديثهم موضوع، ثم كيف تقول الصحابة: إنا نخاف على عبد الرحمن!!
أو ليس الإجماع منعقداً على إباحة جمع المال من حِلِّه، فما وجه الخوف مع الإباحة؟ أو يأذن الشرع في شيءٍ ثم يعاقب عليه؟
هذا قلّة فهم وفقه.
ثم أينكر أبو ذر على عبد الرحمن، وعبد الرحمن خير من أبي ذر، بما لا يتقارب؟ ثم تعلقه بعبد الرحمن وحده، دليل على أنه لم يسبر سير الصحابة، فإنه قد خلف طلحة ثلاث مئة بُهار، في كل بُهار ثلاثة قناطير. والبُهار: الحمل.
وكان مال الزبير خمسين ألفاً ومئتي ألف. [انظر في تحقيق مقدار ماله وتركته في تعليقي على «المجالسة» (رقم ٢٢٠٠) ] .
وخلّف ابن مسعود تسعين ألفاً.
وأكثر الصحابة كسبوا الأموال وخلّفوها، ولم ينكر أحد منهم على أحد.
وأما قوله: «إن عبد الرحمن يحبو حبواً يوم القيامة» . فهذا دليل على أنه ما عرف الحديث، وأعوذ بالله أن يحبو عبد الرحمن في القيامة، أَفَتَرَى من سبق، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن أهل بدر والشورى يحبو؟ ثم الحديث يرويه عُمارة بن زاذان، وقال البخاري [في «التاريخ الكبير» (٣/٢/٥٠٥) ] : «ربما اضطرب حديثه» . وقال أحمد: «يروي عن أنس أحاديث مناكير» [وهذه رواية الأثرم عنه. انظر: «الجرح والتعديل» (٣/١/٣٦٦) و «التهذيب» (٧/٤١٧) ، و «بحر الدم» (رقم ٧٣١) ] . وقال أبوحاتم الرازي [في «الجرح والتعديل» (٣/١/٣٦٦) ] : «لا يحتج به» . وقال الدارقطني: «ضعيف» . [كذا في «سؤالات البرقاني» (رقم ٤٠١) وزاد: «لا يعتبر به» ، وترجمه في «الضعفاء والمتروكين» (رقم ٣٨٢) . وانظر: «الميزان» (٣/٧٩) ، وفي «التقريب» : «صدوق، كثير الخطأ» ] .
وقوله: «تركُ المال الحلال أفضل من جمعه» ليس كذلك، ومتى صحَّ القصد فجمعه أفضل بلا خلاف عند العلماء.
وكان سعيد بن المسيب يقول: «لا خير فيمن لا يطلب المال، يقضي به ديْنه، ويصون به عِرضه، فإن مات تركه ميراثاً لمن بعده» [سيأتي تخريجه] .
وخلّف ابن المسيب أربع مئة دينار، وخلّف سفيان الثوري مئتين، وكان يقول: «المال في هذا الزمان سلاح» [سيأتي عند المصنف] . =

<<  <   >  >>