وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجلٌ مسكينٌ، وابن سبيل، وتقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري. فقال له: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك» . وقوله: «بدا لله» بتخفيف الدال، بغير همز؛ أي: سبق في علمه، فأراد إظهاره، ومثله قوله -تعالى-: {الآن خَفَّفَ اللهُ عنْكُم وعلِمَ أن فِيكُم ضَعْفاً} [الأنفال: ٦٦] ؛ أي: عَلِمَ عِلْمَ الظهور، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً؛ لأن ذلك محالٌ في حقِّ الله -تعالى-، ووقع في رواية للبخاري ومسلم: «أراد الله أن يبتليهم» ، «وهذا هو المحفوظ، وفي إسناد الأولى: (عبد الله بن رجاء) ، وهو الغداني، وفي حفظه كلام. قال الحافظ في «التقريب» : «صدوق، يهم قليلاً» ، ونسبة البداء إلى الله لا يجوز. ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه، والرواية المحفوظة لم يستحضر الحافظ أنها عند المصنف، فعزاها لمسلم وحده!» . أفاده شيخنا الألباني -رحمه الله- في «مختصر صحيح البخاري» (٢/٤٤٦) . (١) انظر «المجالسة» للدينوري (٧/٢٠ رقم ٢٨٦٠- بتحقيقي) ، والأثر أخرجه أحمد -ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (٦/٢٦٩) - عن صفوان بن هشام، وأحمد -ومن طريقه البيهقي في «الزهد الكبير» (٢٩) - عن روح؛ كلاهما عن هشام، به.