للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرسل إليه أمير المؤمنين هارون الرشيد مرةً بخمسةِ آلاف دينارٍ، فلما وصلت إليه استدعى بالحجَّام فأخذ من شعره، فأعطاه خمسين ديناراً، ثم أخذ رقاعاً فصرَّ من تلك الدنانير صُرراً، ففرقها في القرشيين الذين هم في الحضرة، وصرَّ لمن يعرفه من أهل مكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينارٍ (١) .

ولو سردتُ أحوال الصحابة فمَنْ بعدهم من الأئمة والخلفاء والملوك وسائر الناس في ذلك إلى وقتنا هذا لكان شيئاً عجباً (٢) ،

ولكن قد ذكرتُ من ذلك جملةً


= والخبر أخرجه التيمي الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (٢/٦٤١) ، من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن الربيع، عن الحميدي، بنحوه. وفيه «عشرون ألفاً» -كما عند المصنف- بدل «عشرة آلاف» .
والخبر أورده الطرطوشي في «سراج الملوك» (١/٣٨٩) ، بنحوه، والتنوخي في «المستجاد» (رقم ٩٦- بتحقيقي) ، وذكره القشيري في «الرسالة» (ص ١١٤) ، والغزالي في «الإحياء» (٨/١٨٩- مع «الإتحاف» ) ، والذهبي في «السير» (١٠/٣٨) ، والفخر الرازي في «مناقب الشافعي» (ص٣١٣) ، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص١٢٣) -وتكلم على اختلاف ألفاظه-، والمصنف في «الجواهر المجموعة» (١٧٢) ، والمناوي في «مناقب الشافعي» (ص ١٢٠) .
• فائدة: قال البيهقي: «وقال غيره: عن الربيع في هذه الحكاية: وفرق المال كله في قريش، ودخل مكة» .
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه» (ص١٦٦-١٦٧) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٩/١٣١) ، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (٢/٢٢٦) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥١/ ٢٧١) ، وذكره النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (١/٥٧) ، والذهبي في «السير» (١٠/٣٨) ، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص ١٢٣) ، والمناوي في «مناقب الشافعي» (ص ١١٩) .
وانظر: «بلوغ الأماني» (٢٥-٢٦) ، إذ ورد ذكر لمحمد بن الحسن في الخبر في رواية ابن أبي حاتم، والله الموفق والعاصم.
(٢) إذ فيها ما يدلل على أنهم أجود من السحاب، وهي شاهد عدل على طبائع وسجايا الصحابة والصالحين، وقد قيل: إن الله خص العرب بالاختيار؛ لتوفّر (الكرم) و (الصدق) فيهم، والأول عماد (المعاملات) ، والثاني عماد (العبادات) . ونحن اليوم نعد إعطاءهم تبذيراً! ولذا أتى على أصحاب هذه الأخبار بضعة قرون، وقلَّ أن قام بعدهم من جرى على طريقتهم، وإذا حلَّلنا نفسية أهل تلك القرون =

<<  <   >  >>