للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملأتُ يديَّ من الدُّنيا مراراً ... فما طَمِعَ العَواذِلُ في اقتصادي

ولا وجبَتْ عليّ زكاةُ مالٍ ... وهل تجبُ الزكاةُ على جوادِ

بذرتُ المالَ في أرض العطايا ... فأصبحَتِ المكارمُ من حصادي

ولو نلتُ الذي يهواه قلبي ... لوسّعتُ المعاشَ على العباد

ويُستأنَس لما أشرت إليه بكون مال المرء النافع في الحقيقة هو الذي يقدمه بين يديه (١) ،

كما قال - صلى الله عليه وسلم - وقد سأل أصحابَه: «أيكم مال وارثِه أحبّ إليه من ماله؟» . قالوا: يا رسولَ الله! ما منا أحدٌ إلا ومالُه أحب إليه من مال وارثه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعلموا ما تقولون» . قالوا: ما نعلم إلا ذاك يا رسولَ الله، قال: «ما منكم رجلٌ إلا مالُ وارثه أحبُّ إليه من ماله» . قالوا: كيف يا رسولَ الله؟، قال: «إنما مالُ أحدكم ما قدّم، ومال وارثه ما أخّر» (٢) .

ونحوه قوله - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه: «أمالُك أحب إليك أم مال مواليك؟» ،


(١) لا يكون ذلك إلا بترويض النفس، والاستشعار أن الصدقة لا تُنقص المال، بل تزكّيه وتنمّيه. أخرج مسلم (رقم ٢٥٨٨) عن أبي هريرة رفعه: «ما نقصت صدقة من مال» . واعلم أن من جبلّة الإنسان الشح بالمال، فأراد الشرع أن يقلع ذلك بمثل هذه القناعة، ولذا كان بعض السلف يعطي السُّؤال ويقول لهم: «مرحباً بمن يوفّر مالنا لدارنا» نقله القرافي في «الذخيرة» (٣/٥) .
وأخرج ابن خزيمة (٢٤٥٧) ، وأبو عبيد (٩٠٤) ، وابن زنجويه (١٣٣١) ؛ كلاهما في «الأموال» ، والبزار (٩٤٣- زوائده) ، وأحمد (٥/٣٥٠) ، والطبراني في «الأوسط» (١٠٣٨) ، والحاكم (١/٤١٧) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٤/١٨٧) ، و «الشعب» (٣٤٧٤) من حديث بريدة مرفوعاً: «ما يُخرج رجل صدقته حتى يفُكَّ بها لحيَيْ سبعين شيطاناً» . وإسناده صحيح. وانظر: «السلسلة الصحيحة» (١٢٦٨) .

وورد في الباب موقوفاً على أبي ذر، أخرجه ابن أبي شيبة (٣/١١١) ، وابن المبارك في «الزهد» (٦٤٩) ، وابن زنجويه (١٣٣٢) ، والبيهقي في «الشعب» (٣٤٧٥) ، والراوي له عنه راشد بن الحارث مجهول، فالإسناد ضعيف. وانظر: «فيض القدير» (٥/٦٤٢، ٦٤٤- ط. دار الكتب العلمية) .
(٢) أخرجه بنحوه أحمد (١/٣٨٢) ، والبخاري (٦٤٤٢) - مختصراً، وفي «الأدب المفرد» (١٥٣) ، والنسائي (٦/٢٧٣) ، وأبو يعلى (٥١٦٣) ، والشاشي (٨٣٦) ، وابن حبان (٣٣٣٠) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/١٢٨) ، والبيهقي (٣/٣٦٨) ، والبغوي (٤٠٥٧) من حديث ابن مسعود.

<<  <   >  >>