أن نتقدم عنه أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بل هو الحرب والرأي والمكيدة.
فقال الحباب: فليس هذا بمنزل فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من الآبار، فاستحسن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأي الحباب ومضى بأصحابه حتى نزل بالعدوة الدنيا مما يلي المدينة وجيش قريش بالعدوة القصوى مما يلي مكة، وأنزل الله مطراً كان شديداً ووحلاً زلقا على المشركين، وكان طلا خفيفا على المسلمين، طهرهم به ووطأ لهم الأرض وثبت به الأقدام وبنى المسلمون لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عريشاً على تل مشرف على موضع المعركة.
ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسوى صفوف أصحابه ومشى في أرض المعركة يشير إلى مصارع القوم إلى المواضع التي سيقتل فيها زعماء المشركين يقول هذا مصرع فلان إن شاء الله، فو الله ما جاوز أحد منهم الموضع الذي أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، قتلوا في تلك المواضع التي عينها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والتقى الفريقان وقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بين يدي ربه يدعو ويلح في الدعاء، ويتضرع بين يدي ربه ويستغيث به، يقول اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم هذه قريش قد أتت بخيلها وخيلائها تصد عن دينك وتحارب رسولك، ثم يقول عن أصحابه: اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض (١).
(١) انظر: زاد المعاد (٣/ ١٥٦)، كنوز السيرة للشيخ لعثمان الخميس (١٣٦)، خطبة للشيخ عبد العزيز قاري باختصار.