واستجاب الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وهزمت قريش برجالاتها وخيلها وصناديدها، وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون وجمع من القتلى أربعة وعشرون من صناديد المشركين فألقي بهم في قليب من قلبان بدر، منهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وغيرهم من رؤوس الكفر، وصناديد المشركين.
وبعد ثلاث ليال أقامها النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدر، انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعند انصرافه وقف علي القليب ونادى أولئك الصناديد بأسمائهم وأسماء آبائهم، يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا.
فقال له عمر الفاروق: أتنادي أجساداً قد بليت يا رسول الله، فقال: والله ما أنتم بأسمع لكلامي منهم، ذلك أن الله -عز وجل- أسمعهم نداء نبيه في تلك اللحظة (١).
من أعظم عِبر يوم بدر أن الإسلام كلمة الله الباقية، ورسالته الخالدة، باقية ما بقي الزمان وتعاقب المكان، يُرفع شعارها ويقدس منارها بعزّ عزيز وذل ذليل، هذا الإسلام الذي كتب الله العزة لمن والاه، وكتب الذلة والصغار على من عاداه، كلمة باقية ورسالة خالدة زاكية.
مِنْ عِبَر يوم بدر أخذنا أن الصبر مفتاح الفرج، فما ضاقت الأمور على من صبر، الصبر مفتاح الخير.
(١) من خطبة عزوة بدر الكبرى للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي. بتصرف.