الحمد لله الواحد القهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مقلب القلوب والأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهار وعلى جميع أصحابه الأخيار، ومن سار على نهجهم واهتدى بهديهم ما أظلهم الليل وأضاء النهار.
أما بعد:
فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-.
أَيُّهَا الأخوة: وها هي أيام الشهر قد تتابعت، ولياليه الغر قد تلاحقت، هذه أيام رمضان، وها نحن على أبواب العشر الأواخر، وقفنا على الليالي العشر ونحن فقراء إلى رحمة الله، وقفنا نشكو تقصيرنا إلى الله، وقفنا وكلنا أمل وطمع في رحمة الله أن لا يخيب رجاءنا، وأن يستجيب دعاءنا، وقفنا على أبواب عشر ما دخلت على رسول الله إلا شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
بينها ليلة خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، عشر إذا دخلت على الأخيار والصالحين فروا إلى بيوت الله معتكفين ركعًا سجدًا، يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، قد فارقوا النوم والكرى والهجود، يرجون رحمة الله الحليم الودود، ويسألونه مقامًا مع الركع السجود، في نعيم الجنات جنات الخلود، مع المقربين الشهود، قد سمت أرواحهم إلى الخيرات، وتنافست أجسادهم في فعل الباقيات الصالحات، عشر وما أدراك ما هذه العشر؟ ! أقسم الله بها في كتابه المبين، وعظَّم شأنها بهدي رسول الله الأمين.