للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيُّهَا الأخوة: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الأيام العشر حتى توفاه الله ... عجيب هذا الاعتكاف في أسراره ودروسه، فالمعتكف ذِكْرُ الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجاة الحبيب متعته، والدعاء والتضرع لذته.

قال الزهري: عجباً للمسلمين تركوا الاعتكاف والنبي -عليه السلام- لم يتركه منذ دخل المدينة حتى قبضه الله .. (١).

أَيُّهَا الأخوة: ولازال الرجاء باقٍ في تحري ليلة القدر: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} (٢)، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ليلةٌ خير من ألف شهر، إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (٣)، ولا يهلك على الله إلا هالك (٤).

قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، وكان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر (٥).

{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (٦).


(١) فتح الباري (٤/ ٢٨٥).
(٢) [القدر: ٢].
(٣) [الدخان: ٤].
(٤) من خطبة للشيخ صالح بن حميد.
(٥) المرجع السابق.
(٦) [الأعراف: ٢٦].

<<  <   >  >>