للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانكسر ذَلِك السمُوم وَجعله الله بِحِكْمَتِهِ برزخاً بَين سموم الصَّيف وَبرد الشتَاء (١) انتهى كلامه.

أَيُّهَا الأحبة: هذا الشتاء القارس، والبرد الشديد، ابتلاء من الله تعالى لفقراء المسلمين؛ إذ يعالجون الجوع والبرد مع قلة ذات اليد، وهو ابتلاء لأغنياء المسلمين أيسدون حاجة إخوانهم الفقراء، فيطعمونهم من جوع، ويدفئونهم من برد، ويكنونهم من عراء؟ !

كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ: "إِذَا أَمْسَى تصدَّق بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعاً فَلا تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً فَلا تُؤَاخِذْنِي بِهِ" (٢).

وفي ليلة شاتية تصدق محمد بن عبدوس المالكي بقيمة غلة بستانه كلها-وكانت مئة دينار ذهبي- وقال: ما نمت الليلة غمَّاً لفقراء أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

والعاصفة الثلجية التي نرى شيئاً من أثرها، ونُحِسُّ بعض صقيعها وتخيّم في بلاد الشام، وضاعفت معاناة إخواننا اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن؛ إذا فرش الجليد أرضهم، وغطت الثلوج خيامهم، والبرد يفترس أجسادهم وأجساد أطفالهم،


(١) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (١/ ٢٠٨).
(٢) الحلية (تهذيبه) (١/ ٣٠٠).

<<  <   >  >>