ولا طعام يكفي ليمنح الدفء والقوة، ولا كساء أو غطاء يخفف البرد، إلا شيئاً قليلاً يبقي على الحياة، ويجعلها عذاباً عليهم، وكم يموت من أطفالهم من شدة البرد.
يقول أحد أطفالهم مستنجداً بالمسلمين: كنت لا أنام من صوت القصف، وأنا الآن لا أنام من شدة البرد .. هربوا من الرصاص فماتوا بالبرد، وأكثر أمراض الأطفال في الملاجئ هي أمراض البرد والجوع، وأما في داخل سوريا فخوف وجوع وبرد (١).
فمَنْ الموفق .. الذي يبدأ بتلمس حاجات المعوزين - الذين اجتمع عليهم برد الشتاء وغلاء الأسعار - ويعبر أوضح التعبير عن خيرية المجتمع الذي يتفقد أحوال الضعفاء فيه؟ !
ومن الموفق .. الذي يجتهد ألا يمضي عليه هذا الفصل إلا وقد ساهم بتدفئة مسلم، أو إطعامه من جوع .. هنا أو هناك حيث يبعثها المنادي؟ ! إن أجر ذلك عند الله لعظيم.
خرج صفوانُ بن سليم - أحد أئمة التابعين، وأحد شيوخ الإمام مالك -رحمهم الله- جميعاً خرج في ليلة باردة في المدينة من المسجد، فرأى رجلاً عارياً، فنزع ثوبه وكساه
(١) مختصر العواصف الثلجية للدكتور: إبراهيم الحقيل.