للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبلغ من ذلك كله اهتمام الله جل وعلا في القرآن الكريم بالوقت، فأقسم بالعصر والضحى والليل والنهار، وذكر سبحانه إنعامه على عباده بالوقت في سورة النِعم سورة النحل، فقال جل وعلا: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (١)، فبين سبحانه عظيم منته على عباده أن سخر لهم هذه الأوقات ليتقربوا فيها إلى الله الواحد القهار، ويتذكروا دنو الآجال بانقضاء الليل والنهار، كما قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (٢).

يُروى أنّ ملك الموت جاء إلى نوح -عليه السلام-، فقال: يا أطول النبيين عمرا! كيف وجدت الدنيا ولذتها؟ قال: «كرجل دخل بيتاً له بابان، فقام في وسط البيت هنيهة - القليل من الزمان -، ثم خرج من الباب الآخر».

أيها الشاب: أعطني أذنك أهمس فيها لا سيّما وأنت في إجازة ليست بالقصيرة، أترى هذا الوقت الذي تعيش فيه إنّه نعمةٌ تُغبط عليها، إي والله فقد قَالَ: النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ» (٣).

بل خُصَّت مرحلتك مرحلة الشباب من عمر الإنسان بالسؤال يوم القيامة، قال -عليه الصلاة والسلام-: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع» وذكر منها: «عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ » (٤).


(١) [النحل: ١٢].
(٢) [الفرقان: ٦٢].
(٣) صحيح البخاري (٦٤١٢).
(٤) صحيح؛ صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٩٤٦)، أخرجه الترمذي (٢٤١٧)، وغيره.

<<  <   >  >>