والشُّرْبِ وتصْفيفِ الشعرِ وتسريحِه، بل وفي الفكرِ والرأيِ وشيء من الاعتقاد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونحن ما زلنا في أوائلِ هذا الدهليزِ المظلمِ، الذي مآلُه ضياع الديانة والمروءة، ولا شك أن هذا الأمرَ خطيرٌ، يجب المسارعةُ في تلافيه وتوعيةِ الأمةِ بخطورته (١).
أَيُّهَا الأخوة: يَهْدف هؤلاء التبعيون للثقافة الغربية دومًا إلى إبْهارنا بِما حقَّق الغَرْب من إنجازات "تقنيَّة" و"علميَّة"، مُرْجِعين السبب إلى تخلِّي الغَرْب عن كهنوت الكنيسة القاصر، المعوِّق للمجتمع والحضارة، المناصر للإقطاع الاستعباديِّ الظَّالِم، واتِّخاذه سبيلَ اللاَّ دين ليتقدَّم ويتفوَّق، كما يستندون إلى تَمسُّكِنا بالمظاهر الدِّينية الرَّجعية على حد زعمهم، مركزين على أسوء ما عند الغرب والشرق لنقله للمجتمعات الإسلاميّة، متجاهلين أنَّ جحافلَهم تلك تدّمر البِنْية التحتيَّة للتقدُّم والعلم، وفعلهم هذا يُرسي مبادئ التبعيَّة الحضاريَّة في نفوس الأجيال، متناسين أنّ هذا الغرب ينام فقيرُه بلا طعام، هذا الغرب الذي لا يَمْلك معايير أخلاقيَّة للتقدُّم تحوَّلَت فيه الجريمة العشوائية والمنظَّمة إلى أرقام إحصائية مهولة، هذا الغرب الذي لم يتورَّع عن نَسْفِ وذَبْحِ المسلمين مع عملائه في الشرق وما يحصل في الشام مع طغاته خير مثال، هذا الغرب الذي استفتح تاريخه الحقيقيَّ بإبادة الهنود الحمر في أمريكا والزُّنوج في إفريقيا، هذا الغرب الذي لم يتكلَّم عندما كان يصطاد القبائل البدائيَّة في جنوب إفريقيا؛ باعتبارهم ليسوا بشرًا، هذا الغرب الذي لا يملك معايير أخلاقيَّة
(١) من خطبة أزمة التقليد للدكتور خالد المصلح، بتصرف.