للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَنَعَمْ، تريد -رضي الله عنها- أن تسكن نفس الشيخ، وهذا يعطينا درساً أنّه من البر للوالد أن ينتقي الابن الأقوال ويفعل الأمور التي يراعي فيها خاطره ومشاعره.

ومن برِّها أيضاً -رضي الله عنها- ما جاء عن ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَسْمَاءَ وَكَانَتْ أُمُّهَا يُقَالُ لَهَا: قُتَيْلَةُ جَاءتْهَا بِهَدَايَا فَلَمْ تَقْبَلْهَا حَتَّى سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَزَلَتْ: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} (١)

وَفِي الصَّحِيْحِ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ أُمِي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ يعني مشركة- أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ» (٢).

وهذا مع البر والزهد والتأكد من الحلال والحرام، فإنّ فيه درساً تربوياً أيضاً وهو ما نصت عليه الآية: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} (٣).

ثم تعال أحدثك - أيها الأخ المبارك - عن حيائها وعفتها وطهرها، فقد روَى عُرْوَةُ عَنْهَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرُ فرسه فكنت أسوسه وأعلفه وأدق لناضجه النوى وأستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْماً وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ نَفَرٌ فَدَعَانِي فَقَالَ: «إِخّ إِخّ» لِيَحْمِلَنِي فَاسْتَحْيَيْتُ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ. قَالَتْ: فَمَضَى.


(١) [الممتحنة: ٨].
(٢) صحيح البخاري (٣/ ١٦٤ - ٢٦٢٠)، ومسلم (٢/ ٦٩٦ - ١٠٠٣).
(٣) [الممتحنة: ٨].

<<  <   >  >>