الأولى: الشك في موعود الله في النصر والتمكين؛ خاصةً إذا صاحبَ ذلك انبهارٌ بحضارة الغرْب المادِّيَّة، وبَريقِها الأخَّاذ، فتبدأ تَتَخَلَّل المبادئَ عنده شيئًا فشيئًا، فيبدأ بقراءةِ فلسفاتهم، كما يَقرأ لِكبار كُتَّابهم في ذلك ... فينحرف انحرافًا فكريًّا، وينتج عنده خللٌ في المقدِّمات والنتائج؛ لأنه نسيَ، أو تناسَى شرْطَ النَّصْر والتمكين؛ {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}(١) ... إنه جهلٌ بالسُّنَنِ الشرعيَّة والكونيَّة، وجهلٌ بالتاريخ، وإرضاءٌ للرغبات والأهواء ...
الثانية: وأعني بها الجهة الثانية مِن مداخل الشيطان للشابِّ المسلم إذا رأى واقع المسلمين: الاستعجال بالنصر، ومخالفة السُّنَن الكونية والشرعية في ذلك أيضًا، فتستغلُّه بعضُ المنظَّمات التي تكوَّنت عندها تصوُّرات فكريَّة مُعيَّنة، مِن قِبَل المجتهدين الجهَلة والحمْقى لِتطبيقِ الشريعة، أو المخترِقين لهم مِن أعداءِ الإسلام؛ تحت مُسمَّى الجهاد، وتطبيقِ شرع الله، فيستعجلون النصر، ويُخالِفون السُّنَن الكونيَّة، ثم يأخذ بهم الغُلُوُّ مَبْلَغَه ...
ويقع مثل ما وقع من الجرائم الخطيرة في الأيام الماضية، ويُصبح العالَمُ كلُّه عدُوًّا لهم، فينقلب العالِمُ الشرعيُّ في نظرهم مِن مُوَجِّهٍ إلى عدوٍّ لَدُود، والجنديُّ المجاهدُ إلى مرتدٍّ مُرتَزِق، وتنشأ الفِتَن، وتعمُّ الفوضى، وهذا ما يسعَى إليه أعداءُ شريعة ربِّ العالمين، فهُم بذلك قد اختَصَروا الطريقَ لهم كما بيَّنتُ آنفًا ... ولو أَدرَكوا