للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني ذا الحليفة" (١) وفي رواية: "إلّا من عند الشجرة حين قام بعيره" (٢). قال الإمام النووي: "هذه البيداء هي الشَّرَفَ الذي قُدَّام ذي الحليفة إلى جهة مكة، وهي بقرب ذي الحليفة، وسميت بيداء لأنه ليس فيها بناء ولا أثر، وكلُّ مفازة تسمى بيداء، وأما ها هنا فالمراد بالبيداء ما ذكرناه. وقوله تكذبون فيها أي تقولون إنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم منها، ولم يحرم منها، وإنما أحرم قبلها من عند مسجد ذي الحليفة، ومن عند الشجرة التي كانت هناك، وكانت عند المسجد، وسمّاهم ابن عمر كاذبين لأنهم أخبروا بالشيء على خلاف ما هو" (٣).

فالقول الذي اعتمده جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية، هو أنّ الإحرام من الميقات أفضلُ من أيِّ موضعٍ قبلَه ولو كان المسجد النبوي أو الأقصى؛ لأن هذا هو الموافق للأحاديث الصحيحة، ولفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد أحرموا من الميقات بالإجماع، وكذا في عمرة الحديبية أحرم من الميقات أيضاً كما رواه البخاري في المغازي؛ ولأن في مصابرة الإحرام بالتقدم عن الميقات تعسيراً وتغريراً بالعبادة، وإن كان ذلك جائزاً بالاتفاق. أما الحديث الذي رواه ابن ماجة: "من أهلّ بعمرة من بيت المقدس غفر له" والذي رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة، وذكره الإمام محمد بن عليّ الشوكاني في نيل الأوطار، فإنه ضعيف (٤).


(١) مسلم برقم (١١٨٦/ ٢٣).
(٢) مسلم برقم (١١٨٦/ ٢٤).
(٣) شرح الشيخ محيي الدين يحيى بن شرف النووي على صحيح مسلم ج ٨ ص ٢٦٧.
(٤) اُنظر نيل الأوطار للإمام الشوكاني ٤/ ٢٩٨. أقول: أخرجه ابن ماجة برقم (٣٠٠٢)، والإمام أحمد في مسنده برقم (٢٦٥٥٨). قال محققوا الموسوعة الحديثية على مسند أحمد ج ٤٤ ص ١٨١: "إسناده ضعيف لجهالة أُم حكيم ... " وقال الحافظ: مقبولة ... قال أبو حاتم: ليس بالمشهور، وقال الحافظ مستور ... ثم إنه قد اضطرب في إسناده ومتنه اضطراباً شديداً وذكر ابن القيم في زاد المعاد ٣/ ٢٦٧ أنه حديث لايثبت، وأنه قد اضطرب في إسناده ومتنه اضطراباً شديداً.

<<  <   >  >>