للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معظم الآيات القرآنية في مكة المكرمة ـ وفترتها الزمنية تزيد على نصف عمر الدعوة الإسلامية ـ تعريفاً بالعقيدة وترسيخاً لها، كما قام الركن الخامس من أركان الإسلام ليعضد الأساس الذي أرساه في المسلمين الركن الأول، مجسَّداً في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأن محمداً رسول الله، .... ". من هنا فإن فريضة الحج لايشترك فيها أحد من غير المسلمين، ولو على سبيل التغطية الإعلامية لأحداثها، أو المواكبة لحجاجها، كما أن الأرض التي تقام عليها هي بيت الله الذي لايدخله أحدٌ ما لم يكن موحّداً، ثم الشعار الذي يرفعه الحجاج، من لدن دخول النُسك إلى حين رمي جمرة العقبة، هو التلبية، وهي تتضمن إفراد الله بالألوهية، وإفراده بالعبادة، ولهذا قال جابر: "فأهلّ بالتوحيد ... ". وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة (١)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في التلبية: "لبيك إله العرش لبيك"، تأكيداً على عقيدة التوحيد.

وليس هذا فقط، فإن عناية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخلاص العمل، وسؤاله ربه أن يجنّبه الرياء والسمعة يدخل في صميم عقيدة الولاء لله، والبراء من الأغيار، وهو ما رواه ابن ماجة أيضاً (٢) من حديث أنس - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهمّ حجة لارياء فيها ولاسمعة"، والحديث وإن ضعفه الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح (٣)، إلّا أنه يتقوى بمجموع طرقه.

ومن تربيته لنا - صلى الله عليه وسلم - على هذه العقيدة الجامعة المانعة، قراءته بسورتي الإخلاص في ركعتي الطواف، كما روى جابر - رضي الله عنه - قال: "فقرأ فيهما بالتوحيد، قل ياأيُّها الكافرون".


(١) سنن ابن ماجة برقم (٢٩٢٠).
(٢) سنن ابن ماجة برقم (٢٨٩٠).
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٣/ ٤٤٦.

<<  <   >  >>