كما يتجلى لنا ذلك من خلال أدعيته المتعددة، في شتى المواضيع ففي ارتقائه على كلٍّ من جبلي الصفا والمروة، يستقبل القبلة، ويوحّد الله مكبراً، في قوله "لا إله إلّا الله وحده لاشريك له، .".
وفي عرفه يدعو مرة أخرى بالتوحيد رأس الأمر كله في هذا الدين، لذلك قبل أن نتعرض لهذه الفقرة بالشرح والبيان، لا بد لنا من إلقاء الضوء على الذي يعد مع فريضة الجح رمز التوحيد ومحوره (١):
البيت هو الكعبة المشرّفة، وقد تعدّدت أساليب القرآن الكريم في تقديمه، فمن الاقتصار على لفظ "البيت" إلى إضافته إلى ذات الله تعالى، إلى جعله يقترن بوصفٍ يوحي بالتعظيم والتقديس وإليك نماذج توضيحية حسب الترتيب المذكور:
جاء في سورة آل عمران:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}[الآية: ٩٦].
وجاء في سورة البقرة:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}[الآية: ١٢٥].
وفي سورة الحج نقرأ قوله تعالى:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الآية: ٢٩].
والبيت هو المكان الذي أعطاه الله عز وجل خصوصية من الشرف والقداسة، وحسبنا في هذا أن جعله بيتاً له يقصده فيه طلاّبُ المعرفة، وروَّاد الشوق والحبّ لله ربّ
(١) هذه هي سياستي في كتابة البحث، إذ كلما تعرَّض إمامنا مسلم بن الحجاج لمصطلح ما أو اقتربنا منه، فإنني أبدأ بتسليط الضوء عليه، هذا ما سيتكرر معك في مقام إبراهيم والحجر الأسود، والصفا والمروة وهلمّ جرّاً.