للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبودية لله تعالى، والقصد إلى تحقيق أوامره، من حيث إنها أوامر ومن حيث إنه عبد مكلّف بتلبية الأمر، وتحقيق المأمور به، ومن هنا جاءت قداسة البيت وعظم مكانته عند الله تعالى، وكانت ضرورة الحج إليه والطواف من حوله" (١).

والبيت الحرام بني في التاريخ أربع مرّات بيقين وأحاط الشك والخلاف ما سوى ذلك، فلم يثبت فيه شيء.

المرة الأولى: هي التي باشر البناء فيها إبراهيم عليه السلام، يعينه في هذا التكليف ولده الذبيح إسماعيل وقد تعرضنا في هذا الكتاب مراراً لما ورد في هذا من آيات قرآنية وأحاديث نبويّة.

المرة الثانية: فهي تلك التي بنتها قريش قبل الإسلام سنة ١٨ قبل الهجرة، واتفقوا على أن لا يُدخلوا في بنائها إلّا مالاً طيباً، فكانوا يُعرضون عن مهر البغي، وبيع الربا، ومال المظالم، فقصَّرت عليهم النفقة فأخرجوا من جهة حجر إسماعيل نحو ثلاثة أمتار (٢)، وارتفعوا في طولها في السماء حتى بلغت ثمانية عشر ذراعاً، بينما كانت في زمن إبراهيم سبعة أو تسعة أذرع فقط، ولم يكن بها سقف (٣).

الحدَث الأبرز في هذا البناء هو مشاركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يحمل وعمه العبّاس الحجارة، كما ورد في صحيح البخاري (٤)؛ لأنَّ قريشاً انفردت رجلين رجلين لنقل الحجارة، ولما بلغ البنيان تمامه اختلفوا فيمن ينال شَرَفَ وضع الحجر الأسود في مكانه،


(١) اُنظر فقه السيرة د. محمد سعيد رمضان البوطي ص ٨٧.
(٢) تاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً د. محمد إلياس عبد الغني ص ٤١.
(٣) فقه السيرة د. محمد سعيد رمضان البوطيص ٨٨، وقد ذكر أن البناء ارتفع من ٤.٣٢ متراً إلى ٨.٦٤ متراً.
(٤) صحيح البخاري برقم (١٥٠٥).

<<  <   >  >>