أما إذا أتى بطواف الإفاضة متلبساً بحدث أصغر فعليه شاة، أو بحدث أكبر فعليه بدنة؛ لأن النقص في الجنابة أفحش من النقص في الحدث الأصغر، لذلك قال العلامة الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني: ـ رحمه الله ـ "فتجبر البدنة إظهاراً للتفاوت بين الركن وغيره". وعن إعادة طواف لاطهارة فيه يقول: "والأفضل أن يعيد الطواف طاهراً ليكون آتياً به على وجه الكمال ما دام بمكة لإمكانه من غير عُسر"، "قال في الهداية: وفي بعض النسخ: "وعليه أن يعيده"، والأصح أنه يؤمر بالإعادة في الحدث استحباباً وفي الجنابة إيجاباً ولا ذبح عليه إنْ أعاده للحدث ولو بعد أيام النحر، وكذا للجنابة إن كان في أيام النحر، وإن بعده لزمه التأخير". اُنظر اللباب في شرح الكتاب ج ١ ص ٢٠٧ - ٢٠٨. ودليل الحنفية فيما ذهبوا إليه قول تعالى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]. وقد قالوا: إن الله تعالى أمر في هذه الآية بالطواف مطلقاً دون أن يقيّده بشرط الطهارة، وهذا يقتضي أن العُهْدَة من الأمر تخرج بالدوران حول البيت مطلقاً ولو من غير طهارة. وأجابوا عن الحديث السابق: "الطواف حول البيت صلاة ... " بأنه خبر الواحد، وخبر الواحد عندهم لايقوى ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب به؟ ؛ لأنه ظني الثبوت، لذلك اكتفوا بحمل الحديث على التشبيه نظير قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] فعليه يكون المراد من الحديث في اجتهادهم: الطواف حول البيت مثل الصلاة في أنها فرض، أو في أن فاعلها يثاب". اُنظر الفقه الإسلامي وأدلته، للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢١٣. على أي حال: لا أحب أن يفهم القارئ أن في مذهب الحنفية دعوة للطواف بلا طهارة فالقوم لم يقولوا بذلك، بدليل أن دخول المسجد أي مسجد مكثاً على أهل الجنابة حرام عندنا وعندهم، فكيف بالمسجد الحرام؟ . ولأن الذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما دخل مكة أنه توضأ ثم طاف، وهو ما يفعله كل حنفي على الدوام، بدليل أنهم قالوا: بوجوب الطهارة في الطواف وبدليل أنهم قالوا بإعادة الطواف إيجاباً في الإفاضة واستحباباً في غيره وبوجوب الكفارة التي لا ترد إلّا على أمر خطأ. (١) جاء في القاموس المحيط باب الفاء فصل السين، بأنّ سَرِف كَكَتِف موضعٌ قرب التنعيم. أقول: هو وادي قبل التنعيم مباشرة يمتد منه إلى ما يعرف بالنُّوريّة، أو النَّوَّاريَّة.