للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيندب للرجل عند الشافعية الاستلام ولو بالزحام كما نص عليه في كتاب "الأُم" لإمامنا الشافعي رحمه الله تعالى (١).

ومن سنن الطَّوف: استلام الرُّكن اليماني، أما الركنان الشاميّان فلا يسنّ فيهما استلام ولا تقبيل، بدليل ما ذكره سالم عن أبيه قال: "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلم من أركان البيت إلّا الركن الأسود، والذي يليه من نحو دُوْر الجُمَحيّين (٢) ".

وللركن اليماني خصائص امتاز بها: فهو أحدُ ركنين أقيما على قواعد إبراهيم، ورُفعا من قبلُ بيد الخليل وولده الذبيح عليهما السَّلام.

والركن اليماني هو الذي باركته يدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم استلمته، وهو الذي وردت في مزاياه آثار موقوفة على بعض الأصحاب الكرام من أمثال ابن عمر وابن عباس ذكرها أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة، والفاكهاني في أخبار مكة، وذكر بعضها أصحاب السنن، تذهب بمجموعها إلى أن الركن اليماني يمين الله، وأنّ الباري عزَّ وجلَّ يصافح بها خلقه يوم القيامة، وأن الركن والمقام جوهرتان من جواهر الجنة، يأتي كل واحد منهما يوم القيامة أعظم من أبي قُبَيْس، لهما عينان وشفتان يشهدان لمن وافاهما بالوفاء، إلّا أن الله تعالى رفع نورهما، وغيَّر حسنهما، ووضعهما حيث هما، كما ذكر الأزرقي عن ابن عمر أن الركن اليماني عليه ملكان يؤمِّنان على دعاء من مرّ بهما، وأن الحجر الأسود عليه ما لا يحصى من الملائكة،


(١) نفس المرجع والصفحة وللحق أقول: لو أن إمامنا الشافعي - رضي الله عنه - رأى نوعية الزحام التي تسبَّبت بها سهولة المواصلات اليوم على المستوى البري والبحري والجوي، لقال بأولوية الابتعاد عن البيت حتى في بدء الطواف وانتهائه ما دام وصف الزحمة الشديدة قائماً لما يقع من مخالفات تدخل في إطار الحرمة أحياناً لا سيما وأن الحكمة التي نصّ عليها فقهاء الشافعية هي توقي الإيذاء وهي اليوم حاضرة بقوة.
(٢) صحيح مسلم برقم (١٢٦٧/ ٢٤٣) والنسائي ج ٥ ص ٢٣٢.

<<  <   >  >>